, موقع طلبات الزواج , تعارف الجزائريين , طلبات الزواج للجزائريين , أرقام هواتف , اميلات بنات ,صور الحب , , ازياء و اناقة , نتائج التعليم , وظائف , زواج و تعارف ,مسلسلات تركية , رومانسية, الثقافة الجنسية ,طلبات الزواج للعرب
موضوع: مصيبة موت العلماء السبت 4 يونيو 2011 - 19:30
بسم الله الرحمن الرحيم مصيبة موت العلماء الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، والصلاة والسلام على حبيبه ومصطفاه سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فقد سمّى الله تبارك وتعالى الموت في كتابه الكريم مصيبة فقال: {فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْت} [المائدة الآية (106)]، فإذا كان موت أحد من عامة المسلمين مصيبة فكيف إذا كان الميت عالماً ربانياً، ورعاً تقياً، صفياً نقياً؟ حتماً تكون المصيبة أجلّ وأعظم، لأنّ موت هذا العالـِم يؤدي إلى فساد النظم، وهلاك الأمم، وحلول الظـُلـْم والظـُلـَم، وزوال النعم، ونزول النقم، فما عمارة العالـَم إلا بحياة العلماء، وما خرابه إلا بموت العلماء. بهم يصلح الله تعالى حال العباد، وتستقيم أمور البلاد، وتستبين سبل الرشاد، وتتحقّق مصالح العباد في المعاش والمعاد. كيف لا وهم الحافظون لكتاب الله، القائمون بشرع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الموضحون لحكم الله، الناصرون لدين الله. ولهذا روي عن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (موت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، ونجم طمس، وموت قبيلة أيسر لي من موت عالم) رواه الطبراني في الكبير. وعن سيّدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقيه أشد على الشيطان من ألف عابد) رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما. لماذا؟ يجيبنا سيّدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنه فيقول: إنّ الشياطين قالوا لإبليس: يا سيدنا مالنا نراك تفرح بموت العالم ما لا تفرح بموت العابد؟ والعالم لا نصيب منه والعابد نصيب منه؟ قال: انطلقوا، فانطلقوا إلى عابد فأتوه في عبادته، فقالوا: إنا نريد أن نسألك فانصرف، فقال إبليس: هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا في جوف بيضة؟ فقال: لا أدري، فقال: أترونه كفر في ساعة، ثم جاؤوا إلى عالم في حلقته يضحك أصحابه ويحدثهم فقالوا: إنا نريد أن نسألك، فقال: سل، فقال: هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا في جوف بيضة؟ قال: نعم، قالوا: كيف؟ قال: يقول كن فيكون. فقال: أترون ذلك لا يعدو نفسه، وهذا يفسد عليّ عالماً كثيراً، وفي رواية أخرى قال: فقال: أترون ذلك أترون؟ هذا يهدم في ساعة ما أبنيه في سنين (مفتاح دار السعادة لابن القيّم (2/69). فموت العلماء مصيبة وأيّ مصيبة، لأنهم ورثة الأنبياء، ولأنهم النجوم التي يُهتدى بها في الظلماء، والمعالم التي يُقتدى بها في البيداء، وهم النماذج الشامخة، والأوتاد الراسخة، فضائلهم لا تـُجارى، ومناقبهم لا تـُبارى، ثلمتهم لا تـُسد، والمصيبة بفقدهم لا تـُحدّ، والخطب بفقدهم جلل، والابتعاد عنهم زيغ وزلل، والحياة من دونهم ملل، ومهما كانت الألفاظ مكلومة، والجمل مهمومة، والأحرف ولهى، والعبارات ثكلى، فلن تستطيع التعبير، فبموت العالم يموت جمعٌ غفير، وخلقٌ كثير. وقد أخبرنا نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وسلم أنّ موت العلماء من علامة من علامات الساعة فقال: (إنّ من أشراط الساعة أنْ يُرفع العلم ويَثبُتَ الجهلُ) متفق عليه. والمراد برفعه هنا موت حملته، فإنّ العلم لا يرفع إلا بقبض العلماء، قال سيّد الأنبياء صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) متفق عليه. ومن محاسن التفسير في هذا الصدد ما ورد في قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [سورة الرعد الآية (41)] قال سيّدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنه: نقصانها خرابها، وخرابها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها. وهذه المصيبة تعظم لما يفقد المسلمون الشعور بأنها مصيبة عظيمة، حتى يبدو موت العالم وكأنه شيء طبيعي لا تتأثر به القلوب ولا تذرف له العيون، وبدلاً من أن يكون موتُ العالـِم سبباً ليقظتنا إذا بنا نزداد غفلة على غفلتنا، وقد عكس الكثير ممن انتكست فطرهم الأمر فأرادوا أن يجعلوا أهل الثرى مكان أهل الثريا، وهيهات هيهات أن يكون ذلك، فكم من جاهل غافل اليوم يطلق على أناس اسم النجم وهم لا يساوون عند الله جناح بعوضة، في حين لم تتشرف قلوبهم ولم تتكحل عيونهم بمعرفة ورؤية عالم وارث للنبيّ الأكرم صلى الله عليه وسلم، مع العلم أنّ العلماء هم النجوم الوضاءة والكواكب النيرة، قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء، يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضلَّ الهداة) رواه الإمام أحمد. لقد كان السلف الصالح لهذه الأمة يعرفون قدر علمائهم، ولهذا شرفهم الله تعالى وأعلى قدرهم في الدنيا والآخرة، فهذا الإمام أحمد رضي الله عنه كان كثير الدعاء للإمام الشافعي رضي الله عنه، وكان يُسمع دعاءه هذا لابنه عبدالله حتى يعلـّمه ويعلمنا مما دفع عبدالله أن يسأل أباه: يا أبتِ أيّ شيء كان الشافعي، فإني أسمعك تكثر الدعاء له؟ فأجاب الإمام أحمد رضي الله عنه: يا بنيّ، كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للناس، فانظر هل لهذين من خلف أو منهما عوض. (ذكره المزي في تهذيب الكمال والخطيب البغدادي وابن عساكر في تاريخهما). هل يستطيع الناس أن يستغنوا عن الشمس والعافية؟ لا والله، فلا حياة بدونهما، وكذلك العلماء لا حياة كريمة بدونهم، كانوا ينظرون إلى العالم أنه شمس وإذا غابت الشمس حلّ الظلام، فمن منا يحب أنْ يعيش في الظلام؟ ويشعرون بأنّ ضرورة وجود العالم بينهم كضرورة العافية للبدن، وإذا سلبت العافية من البدن حلّ مكانها المرض والألم، فمن منا يحب أن تسلب منه عافيته؟ فبالعلماء يدفع الله البلاء، وينزل غيث السماء، ويحفظ البلاد والعباد من كيد الأعداء، ولهذا كانوا إذا ما مات عالم خرج الناس كلهم في تشييع جنازته طمعاً في الأجر الذي أخبر عنه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإظهاراً لحجم المصيبة التي أصيبوا فيها، وصدق العلماء لما قالوا (بيننا وبين أهل الدنيا يوم الجنائز). اللهمّ ارحم علمائنا رحمة واسعة، واجعل أنوارهم على الدوام ساطعة، وذكرهم وذكراهم نافعة، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهمّ تغمّد من مات من مشايخنا بالرحمة والغفران، والروح والريحان، والروض والرضوان، وأعل مقاماتهم في الجنان، واجعلهم مع نبيّك المصطفى العدنان صلى الله عليه وسلم، وبلغهم منا التحية والسلام، واجمعنا بهم في مستقر رحمتك يا رحيم ويا رحمن.