هل كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ و يكتب في آخر حياته ؟
, موقع طلبات الزواج , تعارف الجزائريين , طلبات الزواج للجزائريين , أرقام هواتف , اميلات بنات ,صور الحب , , ازياء و اناقة , نتائج التعليم , وظائف , زواج و تعارف ,مسلسلات تركية , رومانسية, الثقافة الجنسية ,طلبات الزواج للعرب
موضوع: هل كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ و يكتب في آخر حياته ؟ الجمعة 27 سبتمبر 2013 - 14:30
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد: فهذا الموضوع قد كثر الكلام عليه في أحد الأيام، ومنذ ذلك الوقت وأنا أبحث عن كلام مفصل في هذه المسألة حتى يسر الله لي الوقوف على هذا المبحث فستفدت منه كثيراً، ومن باب تعميم الفائدة ونشر الخير أضعه بين يدي إخواني في هذه الشبكة المباركة، ومن كانت عنده زيادة يثري بها الموضوع فليتحفنا بها وجزاه الله خيراً.
هل كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ و يكتب في آخر حياته ؟
"...أما ما ذهب إليه بعض العلماء ، من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد أحسن الكتابة أواخر حياته ، اعتمادا على الأثر الذي أخرجه ابن أبي شيبة ، ونصه : ( ما مات رسول الله حتى قرأ وكتب ) . فهو مذهب شاذ ممخرق ، لا يعضده دليل ، ولا تدعمه حجة ، ولا يسنده واقع حال .
ذلك أن هذا الأثر موضوع ، حكم عليه من العلماء الشوكاني والسيوطي والألباني بالوضع.
كما نقلوا قول الطبراني فيه : ( هذا حديث منكر ، أبو عقيل - راويه - ضعيف الحديث ، وهذا معارض لكتاب الله ) (1) .
وقال الحافظ ابن كثير فيه : ( وما أورده بعضهم من الحديث ، أنه لم يمت - صلى الله عليه وسلم - حتى تعلم الكتابة ، فضعيف لا أصل له ) (2).
وقال الحافظ ابن حجر في ( الفتح ) عن الجمهور قولهم بضعفه (3) .
وممن ذهب هذا المذهب الشاذ من العلماء : أبو الوليد الباجي ، وأبو ذر الهروي ، وأبو الفتح النيسابوري ، وآخرون من علماء إفريقية وفقهائها المتأخرين .
وبالإضافة إلى اعتمادهم هذا الأثر الموضوع ، في تقريرهم ما ذهبوا إليه ، فقد اعتمد بعضهم على ما ورد في صحيح البخاري ، عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - ، أنه قال : « لما اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة ، فأبى عليه أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة ، حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام ، فلما كتبوا الكتاب ، كتبوا : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ، قالوا : لا نقر لك بهذا ، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا ، ولكن أنت محمد بن عبد الله ، فقال : أنا رسول الله ، وأنا محمد بن عبد الله ، ثم قال لعلي : امح رسول الله ، قال علي : لا والله لا أمحوك أبدا ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب - وليس يحسن يكتب - فكتب : هذا ما قاضى محمد بن عبد الله ، لا يدخل مكة إلا السيف في القراب » (4) .
قالوا : هذا الحديث يدل ظاهره على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب الكتاب بيده الشريفة ، لما امتنع علي - رضي الله عنه - عن الكتابة .
والصحيح أن هذا الحديث ليس على ظاهره كما قال الألباني (5) بل هو من باب ( بنى الأمير المدينة ) أي : أمر ببنائها .
وقد نقل الحافظ في ( الفتح ) عن السهيلي قوله : ( والحق أن معنى قوله : ( فكتب ) أي : أمر عليا أن يكتب ) .
ثم وافقه الحافظ قائلا : ( ويجاب عن قصة الحديبية ، بأن القصة واحدة ، والكاتب فيها علي ، وقد صرح في حديث المسور بأن عليا هو الذي كتب ، فيحمل على أن النكتة في قوله : ( فأخذ الكتاب - وليس يحسن يكتب - فكتب ) لبيان أن قوله : ( أرني إياها ) أنه ما احتاج إلى أن يريه موضع الكلمة التي امتنع علي من محوها ، إلا لكونه كان لا يحسن الكتابة ، وعلى أن قوله بعد ذلك : فكتب ) فيه حذف تقديره : فمحاها فأعادها لعلي فكتب ، وبهذا جزم ابن التين ، وأطلق ( كتب ) بمعنى : ( أمر بالكتابة ) ، وهو كثير ، كقوله : كتب إلى قيصر ، وكتب إلى كسرى ) (6) .
والذي يبدو أن بعض القائلين بإتقان النبي - صلى الله عليه وسلم - الكتابة ، إنما أراد أنه أتقنها للحظة واحدة ، وهي تلك اللحظة التي أمسك فيها بكتاب صلح الحديبية من علي ، ومحا وغير ، وأن ذلك إنما كان على سبيل جريان المعجزة الخارقة على يديه - عليه الصلاة والسلام - ، أو أنه إنما كتب اسمه فقط ، رغم كونه أميا ، كعادة الكثير من الأميين ، الذين يعرفون رسم أسمائهم ، ولكن لو طلب إليهم أن يكتبوا غير ذلك لما استطاعوا ، فلا يخرجهم ذلك عن كونهم أميين ، لا يجيدون قراءة ولا كتابة .
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - : ( من زعم من متأخري الفقهاء ، كالقاضي أبي الوليد الباجي ومن تابعه ، أنه عليه السلام كتب يوم الحديبية : هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله ، فإنما حمله على ذلك رواية في صحيح البخاري : ( ثم أخذ فكتب ) ، ولذا اشتد النكير من فقهاء المشرق والمغرب ، على من قال بقول الباجي ، وتبرءوا منه ، وأنشدوا في ذلك أقوالا ، وخطبوا في محافلهم ، وإنما أراد الرجل - أعني الباجي فيما يظهر عنه - أنه كتب ذلك على وجه المعجزة ، لا أنه كان يحسن الكتابة ) (7) .
وقد روى الحافظ في الفتح قصة الباجي ، وما ذهب إليه ، وما كان له مع العلماء في زمنه ، بسبب ما قاله ، فقال : ( وقد تمسك بظاهر هذه الرواية - أي رواية البخاري - أبو الوليد الباجي ، فادعى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب بيده ، بعد أن لم يكن يحسن يكتب ، فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه ، ورموه بالزندقة ، وأن الذي قاله يخالف القرآن ، حتى قال قائلهم :
برئت ممن شرى دنيا بآخرة ... وقال إن رسول الله قد كتبا
فجمعهم الأمير ، فاستظهر الباجي عليهم بما لديه من المعرفة ، وقال للأمير : هذا لا ينافي القرآن ، بل يؤخذ من مفهوم القرآن ؛ لأنه قيد النفي بما قبل ورود القرآن ، فقال الله تعالى : { وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } (8)
وبعد أن تحققت أميته ، وتقررت بذلك معجزته ، وأمن الارتياب في ذلك ، لا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك ، من غير تعليم ، فتكون معجزة أخرى ) .ثم قال الحافظ مخففا من شدة وطء الحملة على الباجي وجماعته : ( وعلى تقدير حمله - أي حديث البخاري - على ظاهره ، فلا يلزم من كتابة اسمه الشريف في ذلك اليوم - وهو لا يحسن الكتابة - أن يصير عالما بالكتابة ، ويخرج من كونه أميا ، فإن كثيرا ممن لا يحسن الكتابة يعرف تصور بعض الكلمات ، ويحسن وضعها بيده ، وخصوصا الأسماء ، ولا يخرج بذلك عن كونه أميا ، ككثير من الملوك ، ويحتمل أن يكون جرت يده بالكتابة حينئذ - وهو لا يحسنها - فخرج المكتوب على وفق المراد ، فيكون معجزة أخرى ، في ذلك الوقت خاصة ، ولا يخرج بذلك عن كونه أميا ، وبهذا أجاب أبو جعفر السمناني ، وتبعه ابن الجوزي ) .
ثم رد على السهيلي قوله ، بأن جريان الكتابة على يده - عليه الصلاة والسلام - في ذلك الوقت فقط ، يعارض القول بمعجزته - صلى الله عليه وسلم - ، المتمثلة في أميته : ( وفي دعوى أن كتابة اسمه الشريف فقط على هذه الصورة ، تستلزم مناقضة المعجزة ، وتثبت كونه غير أمي نظر كبير ) (9) .
قلت : وفيما ذهب إليه أصحاب هذا الاجتهاد تمحل واضح ، ووقوف متصلب عند ظاهر النص ، كان العلماء في غنى عن الوقوف - طويلا - عنده واللجوء إلى البحث عن مسالك لتأويله ، وتكلف الوجوه البعيدة لتوجيهه ، وخاصة : مع عدم وجود نص آخر يسنده أولا ، بل ووجود رواية أخرى للحديث توضح ما أشكل في عبارة هذه الرواية ، التي جعلوها عمدة نقاشهم ومدار استنباطهم ، وهي عند البخاري أيضا وعند غيره . وبالسند الصحيح والدلالة الواضحة ثانيا . هذا مع إجماع الأمة على القول بأميته - صلى الله عليه وسلم - ثالثا .
فكان ذلك كله كافيا لحسم النقاش في المسألة ، وعدم التوسع في ولوج باب التأويل ، والاستفاضة في اختلاف الوجوه المتمحلة ، والتي نحن في غنى عن الانجرار إلى غمارها "
الهامش:
(1) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني رقم 1015 ، ذيل الموضعات للسيوطي ص 5 ، السلسلة الضعيفة للألباني رقم 343 .
(2) تفسير ابن كثير 3 \ .357.
(3) فتح الباري شرح صحيح البخاري ، ابن حجر العسقلاني 7 \ 575 ، الطبعة الأولى 1407 هـ ، دار الريان ، القاهرة .
(4) صحيح البخاري الصلح (2553),صحيح مسلم الجهاد والسير (1783),سنن أبو داود المناسك (1832),مسند أحمد بن حنبل (4/298),سنن الدارمي السير (2507).
(5) السلسلة الضعيفة للألباني 1 \ 349 ، الطبعة الثانية ، 1399 هـ المكتب الإسلامي ، بيروت (6) فتح الباري 7 \ 567.
(7) تفسير ابن كثير 3 \ 357 .
(8) سورة العنكبوت الآية 48.
(9) فتح الباري ، 7 \ 575- 576 .
مجلة البحوث الإسلامية
- العدد الخامس والأربعون -
الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1416هـ
المشرف العام
سماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
هل كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ و يكتب في آخر حياته ؟