الحمد لله رب العالمين , وبه نستعين , على أمور الدنيا والدين , وأشهد أن لا إله إلا الله رب وحده لا شريك له خالق الخلق أجمعين , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المرسلين , وخاتم النبيين , وسيد ولد آدم أجمعين , صلى الله عليه وعلى آله وصحابته والتابعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين , أما بعد أيها الأخوة في الله التواضع من شيمة الأنبياء , والصالحين , والكبر من شيمة الطغاة والمترفهين البعيدين عن رب العالمين , وإذا حس الإنسان بالغرور يدب في نفسه , والكبر بدأ يحوزها , والإعجاب يحيط بها , فليعالج نفسه مباشرة قبل أن يشتد الكبر, والغرور , والعجب عودهم , ويقوون , فلا يستطيع ردئهم , لأن الكبر لله وحده فهو سبحانه المتكبر, كما قال تعالى في سورة الحشر ( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ) والغرور يحبط الأعمال وهو نوع من أنواع الرياء , والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ) فلما سألوا عن الشرك الأصغر قال ( الرياء ) كذلك العجب . نوع من أنواع الرياء , أن تعجب بأعمالك أو بشخصيتك الجميلة , أو صوتك الحسن , أو ملابسك الجديدة , أو نسبك , وهذا كله من الإعجاب بالنفس , وإن الله جل وعلا جعل الآخرة للمتواضعين الأتقياء , الذين لا يحبون الترفع , ولا الشهرة في الدنيا , بل يريدون رضا الله في كل حال قال جل شأنه ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) أما أهل الكبر فقد قال الله فيهم ( إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ) والله قد نهانا عن الكبر والإعجاب قال سبحانه ( ولا تمش في الأرض مرحا ) ونهانا أن نغتر بالدنيا ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) قارون لما تكبر على الله وعلى خلق الله وعلى رسول الله موسى , وقال إنما هذا المال إنما أوتيه على علم عنده , وليس من نعم التي أنعمها عليه , فكانت النتيجة ( فخسفنا به وبداره الأرض ) وكان من وصايا لقمان لابنه كما أخبرنا الله جل وعلا بذلك ( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك وغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) والكبر أيها الأخوة نوعان قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم . الأول : بطر الحق . الثاني غمط الناس . هل التواضع يمنعك من لبس الجميل , أو الثوب الجديد . إسمع إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه . عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا , ونعله حسنة : فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الله جميل يحب الجمال , الكبر بطر الحق وغمط الناس ) وبطر الحق : دفعه ورده على قائله . وغمط الناس : إحتقارهم والمتكبرون هم أهل النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ألا أنبئكم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر ) متفق عليه وقد إحتجت النار مع الجنة : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله أنه قال ( احتجت الجنة والنار: فقالت النار في الجبارون والمتكبرون , وقالت الجنة في ضعفاء الناس ومساكنهم ) .......الخ الحديث وإننا اليوم والله نرى كثير من إخواننا . ممن غلب عليه شيطانه وهواه , وظن نفسه لا أحد بمثل شخصيته , أو ملبسه . متكبر على الله وعلى خلق الله , ونسي أصله فهو بكل غروره وكبره لن يفعل شيئا مع قدرة الله عليه ( إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا حاله وحال أمثاله ممن غلبت عليهم شهواتهم , وكبرهم على خلق الله , قال عليه الصلاة والسلام ( بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه , مرجل رأسه , يختال في مشيته , إذ خسف الله به , فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة ) متفق عليه ( ومرجل رأسه ) أي ممشط , ( يتجلجل ) بالجيمين , أي يغوص وينزل . والحلة : هي الإزار أو الرداء . يا أيها المتكبر على الله . على من تتكبر , على من خلقك وخلق سمعك وبصرك , وفي أحسن صورة صورك , وعلى كل المخلقات فضلك ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك ) تتكبر على من قدرته أقوى من قدرتك , تتكبر على من أمره بين الكاف والنون كن فيكون تتكبر على من إن شاء أخذك أخذ عزيز مقتدر إن شاء شل أركانك وجعلك طريحا على الفراش حتى لا تتكبر على الله وعلى خلقه الله يمهل ولا يهمل سبحانه فاعتبر قبل أن تندم فالكبر كله مذموم وفاعله مأثوم . العلاج من الكبر والغرور والعجب أن تعرف قدر نفسك مما خلقت وكيف تعود وماذا تحمل إسمع إلى هذا الكلام الجميل من أحد الصالحين وهو ينصح أحد المتكبرين يريد أن يعرفه بأصله . كان رجل من الصالحين ماشي في طريقه فقابل رجل ذو لبس جميل , ونعل جميلة ممشط رأسه لا بأس بهذه مع التواضع , لكن هذا يتبختر في مشيته يشق الأرض بخطاه بكبر, وغرور, وإعجاب , فأراد هذا الرجل الصالح أن ينصحه فعندما سمع كلام الرجل الصالح , قال متعجبا أما تعرفني وكأنه ذو نسب رفيع يريد أن يعرف هذا الرجل الصالح بنسبه : فقال الرجل الصالح نعم أعرفك واسمع إلى الجواب قال له أنت مخلوق من نطفة قذرة , وسوف تعود إلى جثة متنة , وتحمل بين جنبيك العذرة فعرف الرجل قدرة , ونكس رأسه , وعرف قدر نفسه ولعله صلح حاله . نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال جميع المسلمين . وسمع إلى وصايا سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه لابنه وهو يحذره من الكبر , ويدله على علاجه فاقرأه وعمل به وفقك الله لكل خير . يقول رضي الله عنه لابنه : يا بني إياك والكبر , وليكن فيما تستعين به على تركه : علمك بالذي منه كنت , والذي إليه تصير , وكيف الكبر مع النطفة التي منها خلقت , والرحم الذي منها قذفت , والغذاء الذي به غذيت . واقرأ هذه الأبيات حيث يقول المؤلف وفقه الله تعالى عن الكبر .
أتتكبر على الإله وأنت مـخـلـــــوق .... وهو سبحانه الخالق الـمـعـبود
أنت ضعيف وإن كــنـت ذا نســــب .... والإله أوجـدك ولم تكـن مـوجود
فمـلـكــــك وإن دام فــهـــو زائــــل .... وجــمال وجــهـك آكـله الــــدود
ومــالكــ هــبة من اللـه ومـنـة وإن .... شاء الإله أذهبه عنك وما يعود
فإنك بكبـرك لــن تخـــرق أرضــــــا .... ولا بالطول تبلغ الجبال أو تسود
والـتـواضع لأهل الإيمـــان واجـــب .... وقـــد أمـــرك به الـمـلكـ الــودود
وقد رعاك وأنت في الرحم مضـغة .... ورعــاك حـتـى خــرجــت مــولود
ثـــــــم حــمــاك وأنــت طــفــــــلا .... وحـماك وأنت مـشـتـد بكـ العـود
ثــــم الكبر يعـلــــوك وأنت مترفعا .... والـغـرور والإعـجــاب فــيـك يسود
يا مغــرور لا يغـرنــــــك غــــــرورك .... ولا تكــن بكبرك شيطانا مـطــرود
طرده الإلـه مـن رحمته وجــنــتــه .... وجعـل لـــه الـنار فــيـهـا مـخـلـود
جعلني الله وإياك من أهل جنته , ورحمته , ورزقنا التواضع , والإخلاص , وأعاذنا من السمعة الرياء , والكبر والغرور والإعجاب . إنه ولي ذالك والقادر عليه .

شكر لكي اختي الكريمه والله يعطيج العافية على الموضوع